شيركو حبيب

إن الصراع داخل البيت الكوردي يضر بالقضية المشروعة، وفي كركوك بالأخص ستكون الخسارة كبيرة، وستقع المسؤولية على الجميع. إن وجود النفط واكتشافه عام 1927 كان سببا في تعاسة كركوك وأهلها، والمشاكل الحالية ما هي إلا امتداد للسنوات التي مضت وما شهدته من أزمات، فالحكم الملكي آنذاك ومعه القوى العظمى وقفوا ضد الاعتراف بكوردستانية كركوك، رغم أن جميع الطوائف العراقية من عرب وتركمان وآشوريين، انتصروا بمواقفهم الوطنية الموحدة على كافة أرباب المصالح، وكانوا داعمين لأهل كركوك فى مواجهة المخططات الشوفينية والمعارضين لأمتنا. نذكر أنه قد بدأت محاولات تغيير ديمغرافية هذه المدينة في عهد النظام الملكي؛ وما زالت؛ بغرض محو الهوية الكوردستانية للمدينة، وحتى اليوم؛ للأسف، لم تحل مشاكلها وفقا للمادة 140 من الدستور العراقي الدائم. قدم الكورد الكثير من التضحيات من أجل حماية أهل القضية العادلة، خاصة الحزب الديمقراطي الكوردستاني والأب الروحي للشعب الكوردي الخالد مصطفى البارزاني الذي لم يتنازل عن الهوية الوطنية وكوردستانية كركوك، كما تظل محاولات الزعيم مسعود بارزاني مستمرة بكل الوسائل لحل مشكلة كركوك حسب الدستور، لتكون مدينة للتعايش بين كافة مكوناتها. لا شك أن هناك أطرافاً تريد خلق خلافات وانقسامات داخل البيت الكوردي في المدينة، وللأسف؛ تأثرت بعض الأحزاب الكوردية بالأفكار الشوفينية التي تريد إضعاف الموقف الكوردي في كركوك بمساعدة خارجية، ما يطرح التساؤلات داخلنا: "لماذا الشقاق والانشقاق وقد احترم العالم أجمع ثباتنا على المبدأ واعترف الجميع بعدالة قضيتنا؟". اليوم؛ وأكثر من أي وقت مضى، بات من الضروري أن يضع الكورد جميع الخلافات جانباً من أجل إحلال الأخوة والتعايش في كركوك، وأن يتحدوا حتى لا تفقد المدينة طابعها الكوردستاني الأصلي والأصيل، لأن كركوك هي قلب كوردستان، واحترام المواقف التي تدعم الوحدة والتعايش وتجمع كافة المجتمعات الأصلية حق للعنصر والعرق الكوردي الباقي للأبد على هذه الأرض بإذن الله. يحكى أن رجلاً مسناً كانت مهنته الخياطة، وفي أحد الأيام أراد أن يعلم حفيده درسا في الحياة، فقال له "إن هذا المقص ثمين جداً ورثته عن أبي وقد ورثه عن الجد"، وبعد أن قام بقص قطعة قماش كبيرة إلى قطع صغيرة، وضع المقص على الأرض وأخرج إبرة فقام بخيط هذه القطع الصغيرة مع بعضها بواسطة الإبرة فصنع منها قميصا جميلا، وبينما الحفيد يراقبه وضع طرف الإبرة في قبعته، وهنا اندهش الحفيد وسأل "يا جدي أنت قلت إن هذا المقص له أهمية والآن رميته على الأرض، ووضعت هذه الإبرة الصغيرة في قبعتك"؟ فأجاب الجد "لقد رأيت يا بني أن المقص قد قطع القماش إلى قطع صغيرة، ولكن هذه الإبرة الصغيرة وحدت مجددا تلك القطع لتعيدها قطعة قماش كبيرة جميلة بعدما قسمها المقص". وتابع الجد "المهم يا بني أن نحترم من يوحدنا وليس من يفرقنا".

وكما يقول العرب "وكل لبيب بالإشارة یفهم".